خصوصًا عند المساومة مع بائعي السمك، إنها حقًا مزيج من الحرب النفسية، والحرب اللغوية، وحرب النظرات. إذا لم يكن لديك بعض المهارات، ستجد نفسك في دوامة من الكلام، وفي النهاية تحمل مجموعة من "السمك الحي الذي تم إذابته للتو من الثلاجة" إلى المنزل، وتعتقد أنك قد حصلت على صفقة جيدة. اليوم، سنتحدث عن كيفية التنقل بسهولة في سوق الأسماك، باستخدام بضع جمل من اللغة الكانتونية وعينين حادتين، لتخفيض أسعار بائعي السمك بشكل مرضٍ، دون أن تتعرض لأي فشل.
عند دخولك سوق الأسماك، ستشعر على الفور برائحة السمك القوية مختلطة برائحة البحر المالحة، والأرضية دائمًا مبللة، وعندما تخطو عليها تصدر صوت "صرير"، كأنها تحييّك. الأسماك والجمبري والسرطانات في الأحواض تتقافز، وبعضها يتصرف بجرأة، يرشك بالماء، كأنها تقول: "تعال، اشتريني، سأكلفك ثروة!" أما بائعو السمك، فهم جميعًا أذكياء، أصواتهم عالية تكاد تغطي ضجيج السوق بأسره، وبأيديهم سكاكين، يفتحون السمك بسرعة كأنهم شخصيات من أفلام الفنون القتالية. إذا كنت مبتدئًا، وتقف هناك تنظر بغباء، في اللحظة التالية يمكن لبائع السمك أن يحددك بنظرة: "فتاة جميلة/شاب وسيم، سمك طازج، هل ترغب في شراء؟"
لا تتوتر! الخطوة الأولى ليست الرد بسرعة، بل تعلم استخدام أنفك وعينيك. عند شراء المأكولات البحرية في سوق الأسماك، أنفك هو رادارك، وعينيك هي آلة الأشعة السينية الخاصة بك. السمك الطازج له رائحة هواء البحر المنعشة، وليس تلك الرائحة الغريبة التي تجعلك ترغب في تغطية أنفك. اقترب قليلاً، واشتم رائحة السمكة، إذا كانت رائحة كريهة تهاجم أنفك، فتهانينا، قد تكون هذه السمكة قد حلمت في الثلاجة البارحة، ولم ترَ شمس اليوم. أما بالنسبة لعينيك، فعليك التركيز على تفاصيل السمكة: إذا كانت عيون السمكة لامعة، كأنها دموع صغيرة، فهي طازجة؛ إذا كانت عيونها عكرة، كأنها لم تستيقظ من سكرها، فمررها. يجب أيضًا فتح خياشيم السمكة، فخياشيم السمكة الطازجة حمراء زاهية، كأنها وضعت أحمر شفاه، أما القديمة فتكون داكنة ورمادية، كالفحم المحترق. بالنسبة للجمبري، يجب أن تكون القشرة صلبة، والرأس لا يجب أن يكون متهالكًا، أما بالنسبة للسرطانات، اختر تلك التي تلوح بمخالبها وتحديك، ولا تختار تلك التي تبدو ميتة.
حسنًا، لقد اخترت سمكة، والآن يأتي الجزء الأهم - المساومة. في هذه اللحظة، ستحتاج إلى مهاراتك في اللغة الكانتونية. لا تظن أن بائع السمك يناديك "فتاة جميلة/شاب وسيم" لأنه يمدحك، بل هو مجرد حيلة، كلمات لطيفة تجعلك تشعر بالدوار، ثم عندما يذكر السعر، ستشعر بالخجل من المساومة. على سبيل المثال، إذا أعجبتك سمكة البوري، سيقول بائع السمك: "هذه السمكة جميلة جدًا، حيوية، ستين دولارًا للكيلو، صفقة رائعة!" ستين دولارًا للكيلو؟ ستفكر، واو، هل هذه السمكة نشأت على حليب البقر؟ لا تتعجل، خذ نفسًا عميقًا، وابتسم بتعبير "أنا شخص مطلع" ثم انظر إليه بنظرة تحمل بعض الشك، وبعض الازدراء، ويفضل أن تضيف تهديدًا خفيفًا "هل تصدق أنني سأدير ظهري وأرحل؟"
الخطوة الأولى، اختبار الحدود. يمكنك أن تقول ببطء باللغة الكانتونية: "ستين دولارًا؟ هذا غالي جدًا، البائع في الكشك المجاور قال أربعين دولارًا للكيلو." بمجرد أن تقول ذلك، سيجعل بائع السمك وجهه عابسًا، ثم يتظاهر بأنه متألم ويقول: "آه، فتاة جميلة/شاب وسيم، السمك في الكشك المجاور ليس طازجًا مثل هذا، هذا السمك تم صيده هذا الصباح!" لا تصدق هذه الحيلة "تم صيده هذا الصباح"، في سوق الأسماك، إذا كان هناك ثلاثون بالمئة من السمك الذي تم صيده في نفس اليوم، فهذا جيد، فمعظمها تأتي من شاحنات التبريد في منتصف الليل. فقط ابتسم، وأومئ برأسك، ثم تظاهر أنك ستغادر: "حسنًا، سأذهب لأرى الكشك المجاور أولاً." هذه الحيلة تُسمى "الاستدراج"، وبائع السمك يخاف من أن تذهب حقًا، إذا فقد الزبون، سيتعين عليه مواجهة السمكة التالية.
وبالفعل، سيتصل بك على الفور: "آه، آه، فتاة جميلة/شاب وسيم، دعني أقدم لك سعرًا أفضل، أربعين دولارًا للكيلو، ماذا عن ذلك؟" أربعون دولارًا، يبدو أنها انخفضت كثيرًا، لكن لا تتعجل، فهذا ليس الحد الأدنى بعد. الخطوة الثانية، استخدم الحيلة الكبرى. يجب أن تتظاهر بأنك خبير، وتحدق في السمكة وتقول: "هذه السمكة عيونها عكرة، وخياشيمها ليست حمراء جدًا، لا تبدو طازجة، أعتقد أن خمسة وثلاثين دولارًا ستكون مناسبة." بمجرد أن تقول ذلك، قد يصرخ بائع السمك "آه"، ثم يبدأ في سرد قصة: "هذه السمكة حقًا طازجة، أقول لك، ذهبت إلى الرصيف في الخامسة صباحًا لأخذها، لم أنم بما فيه الكفاية!" لا تدع ذلك يؤثر عليك، استمر في الحفاظ على وجه بارد، ورد باللغة الكانتونية: "هل كان الأمر صعبًا؟ إذاً، ابيعها لي بسعر أقل، سأساعدك في تصريفها، ثلاثون دولارًا، هل نكمل الصفقة؟"

في هذه اللحظة، سيظهر على بائع السمك تعبير "لقد واجهت خبيرًا"، ويتنهد قائلاً: "حسنًا، حسنًا، ثلاثون دولارًا، سأبيعها لك بخسارة، لكن في المرة القادمة يجب أن تزورني أكثر!" ستضحك في قلبك، لكن يجب أن تظهر هادئًا على وجهك: "شكرًا لك، اجعلها جيدة." تمت المساومة بنجاح، السمكة في يدك، مثالي.
بالطبع، ليست كل المساومات تسير بسلاسة. أحيانًا ستواجه بائعي سمك صعبين، يتمسكون بالسعر، على سبيل المثال، إذا قلت ثلاثون دولارًا، سيصرون على خمسين دولارًا، ويقولون بحماسة: "هذه سمكة برية، ليست مثل تلك التي يتم تربيتها!" عند مواجهة هذا النوع، يجب أن تكون مرنًا. الخطوة الثالثة، استخدم المفاجأة. يمكنك أن تتظاهر بأنك في حيرة وتقول: "هل هو غالي؟ سأخبر زوجي/زوجتي أولاً." ثم تخرج هاتفك، وتدعي أنك تتصل: "مرحبًا، زوجي/زوجتي، هنا سمكة بخمسين دولارًا للكيلو، ماذا أفعل؟" بمجرد أن يسمع بائع السمك ذلك، يخاف من أنك ستغادر حقًا، قد يقول على الفور: "آه، حسنًا، سأخفض السعر، أربعين دولارًا، اشترِ، اشترِ!" ستغلق "الهاتف"، وتومئ برأسك: "حسنًا، أربعون دولارًا، لا تخبرني بمزيد من القصص."
هناك أيضًا حالة أخرى، حيث يكون بائع السمك بارعًا في التمثيل. عندما تقول ثلاثون دولارًا، سيأخذ السكين ويتظاهر بأنه سيقطع السمكة: "حسنًا، سأقطع نصفها وأبيعها لك، خمسة عشر دولارًا لنصف كيلو، ماذا عن ذلك؟" هذه الحيلة تهدف إلى جعلك تشعر أنك حصلت على صفقة جيدة، لكن في الواقع، سيظل يكسب منك المال. يجب أن تكون ذكيًا، وترد: "لا داعي لكل هذا العناء، أريد السمكة كاملة، ثلاثون دولارًا كاملة لي." إذا استمر في المماطلة، استخدم الحيلة النهائية: "حسنًا، سأأخذ السمكة من الكشك المجاور، لقد قالوا إنها ثمانية وعشرون دولارًا." في هذه اللحظة، غالبًا ما سيستسلم بائع السمك، لأنه في النهاية، الكشك المجاور يبيعها فعلاً بهذا السعر، ولا يجرؤ على المخاطرة بمعرفة ما إذا كنت تخدعه.
فن المساومة، بالإضافة إلى مهارات الكلام، تعتمد أيضًا على قوة النظرات. يجب أن تتعلم كيفية استخدام نظراتك للسيطرة على أجواء بائع السمك. على سبيل المثال، عندما يذكر سعرًا مرتفعًا، لا تتعجل في الرد، بل انظر إليه لمدة ثانيتين، وعبس قليلاً، وابتسم قليلاً، كأنك تقول: "هل تظن أنني غبي؟" هذه النظرة لها تأثير كبير، سيشعر بائع السمك بالقلق، خائفًا من أنك خبير حقيقي، وبالتالي سيتراجع السعر بشكل طبيعي. يمكنك أيضًا إضافة بعض الجمل باللغة الكانتونية، مثل "هل هو غالي؟ أنا لست سائحًا" أو "لا تظن أنني لا أفهم الأسعار"، مما يزيد من التأثير.
بالطبع، هناك مهارة خفية في سوق الأسماك - اختيار الوقت. في الصباح عندما يفتح السوق، يكون بائعو السمك متعجلين، والأسعار تكون قابلة للتفاوض؛ في الظهر، عندما يكون هناك الكثير من الناس، يكونون مشغولين، مما يجعلهم أكثر استعدادًا للتفاوض؛ قبل إغلاق السوق في فترة بعد الظهر، لا يرغبون في ترك السمك ليوم آخر، لذا عندما تتفاوض، تكون فرصتك كبيرة. لكن لا تكن جشعًا، إذا رأيت بائع السمك يبدو وكأنه على وشك البكاء، يجب أن تعرف متى تتوقف، فالجميع يواجه صعوبات، وفي المرة القادمة ستحتاج للعودة للشراء.
عندما أتحدث عن هذا، أتذكر تجربتي الأخيرة في سوق السمك. في ذلك اليوم، أعجبتني سمكة بوري، وبائع السمك صرخ: "ثمانون دولارًا للكيلو، سمكة جميلة!" كدت أن أضحك بصوت عالٍ، ثمانون دولارًا؟ كان من الأفضل لي أن أذهب إلى مطعم وأتناول سمكة جاهزة. نظرت إليه بغضب، وقلت: "يا بائع، هل سمكتك غالية جدًا؟ أربعون دولارًا ستكون مناسبة." بدأ على الفور في التمثيل: "آه، فتاة جميلة، هذه سمكة بوري برية، طعمها مختلف عن السمك المزروع!" لم أكن مهتمًا بسماعه، وقلت مباشرة: "حسنًا، سأذهب إلى الكشك المجاور، لقد قالوا إنها ثلاثون دولارًا." في النهاية، أمسك بي وقال: "حسنًا، حسنًا، سأبيعها لك بأربعين دولارًا، بخسارة!" عندما كنت أغادر مع السمكة، كان لا يزال ينادي من ورائي: "يجب أن تعود مرة أخرى!" كنت أفكر، حسنًا، في المرة القادمة سأساومك على ثلاثين دولارًا.
في الواقع، المساومة مع بائعي السمك ليست فقط لتوفير المال، بل هي عملية من الذكاء والمنافسة. أنت تقف أمام الكشك المبلل، تحمل كيسًا بلاستيكيًا، وتتنافس مع بائع السمك باللغة الكانتونية، وعينيك لا تنسى التركيز على خياشيم السمكة وعيونها، تشعر أنك بطل في السوق، تسير في العالم كله بفضل لسانك وعينيك الحادتين. بعد طهي تلك السمكة، وأنت تأكل غنائمك التي حصلت عليها من المساومة، لا يمكنك أن تتخيل مدى فخرك.
شراء الخضار في السوق، وخاصة المساومة مع بائعي السمك، ليست مهمة سهلة. تحتاج إلى الشجاعة، والمهارة، وقليل من حس الفكاهة. بائعو السمك ليسوا أعداء، هم فقط يريدون كسب المزيد، وأنت تريد إنفاق أقل، الجميع يتنافس في سوق الأسماك، وفي النهاية يتراجع كل طرف خطوة، ويكون الجميع سعيدًا. المفتاح هو عدم الفشل، وعدم الانخداع بكلمات بائع السمك المعسولة، وأيضًا عدم المساومة بشدة حتى لا تجعلهم غير قادرين على القيام بأعمالهم. بمجرد أن تتقن هذه الأمور، سيكون سوق الأسماك هو ملعبك، وعندما تذهب لشراء السمك في المرة القادمة، تذكر أن تستقيم وتقول باللغة الكانتونية: "يا بائع، اجعل السعر أقل، أنا زبون دائم!" تأكد أن بائع السمك سيبتسم ويختار لك سمكة جيدة.