أولاً، جرد محتويات الثلاجة هو الخطوة الأولى في هذه المغامرة الطهو. يشعر الكثير من الناس عند فتح الثلاجة أنهم "لا يملكون شيئًا"، لكن في الحقيقة، السر يكمن في تلك الزوايا غير الملحوظة. عادةً ما أخرج كل ما في الثلاجة مساء يوم الجمعة، وأفحص كل شيء واحدًا تلو الآخر كالمحقق. قد تحتوي الثلاجة على نصف زجاجة من الحليب، وبعض شرائح من لحم الخنزير، أو زبادي على وشك الانتهاء؛ وقد تحتوي الفريزر على كيس من عجينة الزلابية المجمدة، أو قطعة صغيرة من صدور الدجاج المنسية. لا تنسَ فحص تلك الأدراج الصغيرة، فقد تحتوي على فصوص من الثوم، أو ليمونة ذابلة، أو قطعة صغيرة من الزنجبيل. هذه المكونات المتناثرة، رغم أنها تبدو غير مهمة، إلا أنها تمثل إمكانيات وجبتك الكبيرة القادمة. أثناء الجرد، أحب أن ألتقط صورة باستخدام هاتفي، أو ببساطة أكتب قائمة، وأحدد المكونات التي يجب استخدامها أولاً. على سبيل المثال، يجب أن أستخدم السبانخ والزبادي، اللذان يتلفان بسهولة، بسرعة؛ بينما يمكن تأجيل استخدام الكاتشب والفلفل الحار الجاف. يساعد الجرد ليس فقط في معرفة ما لديك، بل أيضًا في تجنب شراء أشياء مكررة، مما يوفر لك الكثير من المال الضائع.
بعد الانتهاء من جرد المكونات، تأتي الجزء الأكثر متعة: تحويل هذه "المكونات المتنوعة" إلى وجبة كبيرة تبدو رائعة. بقايا الطعام هي الضيف الدائم الأكثر شيوعًا في المطبخ، ويقوم الكثير من الناس بالتخلص منها مباشرة، وهو أمر مهدور. في الحقيقة، تعتبر بقايا الطعام هي البطل المثالي في إعداد الأطباق المختلطة. خذ وعاء من الأرز البارد، وسخن الزيت في المقلاة، وأضف بعض فصوص الثوم لتفوح رائحتها، ثم قطع جميع الخضروات التي يمكنك العثور عليها في الثلاجة وأضفها - مكعبات الجزر، شرائح البصل، قطع الفلفل الأخضر، حتى تلك الأوراق الذابلة من الخس. بعد قلي الخضروات حتى تنضج، أضف بقايا الأرز، ورش القليل من الملح وصوص الصويا، وقلّب جيدًا، وستحصل على طبق من الأرز المقلي الملون والشهي. إذا كان هناك قطعة صغيرة من لحم الخنزير أو الدجاج في الثلاجة، قطعها إلى مكعبات وأضفها، مما سيعزز النكهة على الفور. هل ترغب في إضافة لمسة من النكهات العالمية؟ أضف ملعقة من مسحوق الكاري أو الكمون، وسيتحول الأرز المقلي على الفور إلى نكهة تايلاندية أو شرق أوسطية. تكمن روعة هذا الأرز المقلي في أنه يمكنه استيعاب أي مكون، حتى تلك الخيار الوحيد المتبقي.
بعيدًا عن بقايا الطعام، الزبادي المنتهي أيضًا كنز. يعتقد الكثير من الناس أنه يجب عليهم التخلص من الزبادي بمجرد انتهاء صلاحيته بيوم أو يومين، لكن طالما أنه لا توجد رائحة غريبة، فإنه لا يزال بإمكانه التألق. أحب استخدام الزبادي المنتهي في صنع الكعك، فهو بسيط ويوفر المال. خذ وعاء كبير، واكسر ثلاثة بيضات، وأضف كوبًا صغيرًا من الزبادي، ونصف كوب من السكر، وملعقة من الزيت النباتي، واخلط جيدًا ثم انخل كوبًا من الدقيق وملعقة صغيرة من مسحوق الخبز، واخلط حتى تحصل على عجينة. إذا كان لديك ليمونة ذابلة في الثلاجة، ابشر بعض قشرتها وأضفها، وسترتفع الرائحة على الفور. صب العجينة في القالب، واخبزها في الفرن على درجة حرارة 180 لمدة 30 دقيقة، وستحصل على كعكة زبادي هشة. ليس لديك فرن؟ يمكنك استخدام مقلاة على نار هادئة لطهي كعكة زبادي مصغرة. هذه الكعكة لا تستهلك الزبادي فقط، بل يمكن أيضًا إضافة التوت الذي أوشك على التعفن أو الموز الطري، مما يزيد من حلاوتها ويقلل من الفاقد.
عندما نتحدث عن الفواكه، دائمًا ما يكون هناك تفاحتان أو كمثريتان في الثلاجة، تبدو سطحها متجعدة، ولم يعد أحد يرغب في تناولها. لا تتعجل، يمكن أن تتحول إلى "حصان أسود" في عالم الحلويات. قطع التفاح إلى قطع، وضعها في المقلاة مع قليل من الماء وملعقة من السكر، واطبخها على نار هادئة حتى تصبح طرية، وستحصل على وعاء من صلصة التفاح المنزلية. يمكنك دهنها على الخبز في الإفطار، أو خلطها مع الزبادي، طعمها لا يقل عن المربى الذي تشتريه من السوبر ماركت. إذا كان لديك خبز متبقي، قطع شرائح واطبخها حتى تصبح مقرمشة، وتناولها مع صلصة التفاح، وستتحول إلى وجبة خفيفة بعد الظهر. أما الكمثرى، فهي سهلة أيضًا، قطعها إلى شرائح واطبخها في الزبدة، ورش عليها قليل من مسحوق القرفة، مع ملعقة من الكريمة المتبقية في الثلاجة، وستحصل على حلوى بنكهة فرنسية. هذه الأفكار الصغيرة لا تنقذ فقط الفواكه "المحتضرة"، بل تجعلك تشعر وكأنك ساحر في المطبخ.
بالطبع، جرد الثلاجة ليس فقط لتوفير المال، بل له معنى بيئي أيضًا. يتم هدر ثلث الطعام في العالم كل عام، والمطبخ المنزلي هو منطقة الكارثة. كل مرة أحول فيها بقايا الطعام إلى أطباق جديدة، أو أستخدم المكونات التي أوشكت على التلف، أشعر أنني أساهم في حماية الأرض. على سبيل المثال، قطع الخضار - قشور الجزر، رؤوس البصل، سيقان الكرفس - لا تتعجل في التخلص منها، اجمعها واطبخها في حساء. اغسل هذه القطع جيدًا، وضعها في وعاء مع الماء، واتركها تغلي، ثم اتركها على نار هادئة لمدة ساعة، ثم صفّيها، وستحصل على وعاء من مرق الخضار اللذيذ. يمكنك تجميده واستخدامه في أي وقت لتحضير الحساء أو الأرز، طعمه أفضل من مكعبات مرق. يمكنك أيضًا استخدام عظام الدجاج أو عظام السمك بنفس الطريقة، لتحضير مرق غني. هذه الطريقة "التي لا تهدر" لا تجعل الثلاجة أكثر انتعاشًا فحسب، بل تجعل كل مكون يُستخدم بشكل كامل.
لجعل جرد الثلاجة أكثر سلاسة، فإن الحفاظ على نضارة المكونات هو المفتاح. يشتكي الكثير من الناس من أن الخضار تفسد بعد يومين، لكن إذا اتبعت بعض الحيل الصغيرة، يمكنك أن تجعل المكونات تدوم لفترة أطول. على سبيل المثال، بعد شراء الخضار الورقية، لفها بورق المطبخ، ثم ضعها في كيس حفظ الطعام، مما يساعد على امتصاص الرطوبة الزائدة، ويطيل فترة صلاحيتها. بالنسبة للجزر والكرفس، بعد قطع الأوراق، يمكنك نقعها في وعاء محكم مملوء بالماء، مما يساعد على الحفاظ على قرمشتها لمدة أسبوعين. بالنسبة للفواكه، لا تضع التفاح والموز مع الفواكه الأخرى، لأنها تطلق الإيثيلين الذي يسرع من فساد الفواكه الأخرى. قبل وضعها في الثلاجة، لفها بشكل منفصل باستخدام غلاف بلاستيكي، مما يساعد على الحفاظ عليها لمدة نصف شهر إضافي. أما بالنسبة لبقايا الطعام، فتأكد من تركها لتبرد قبل وضعها في حاويات محكمة، لتجنب تكوين الرطوبة التي تسبب البكتيريا. الفريزر هو أيضًا مساعد جيد، حيث يمكن تجميد اللحوم، والخبز، وحتى الحليب، واستخدامها عند الحاجة دون القلق من انتهاء صلاحيتها.
بالإضافة إلى هذه الحيل، هناك أيضًا قواعد لترتيب الثلاجة. الجزء العلوي من الثلاجة مناسب لوضع بقايا الطعام والمشروبات، بينما الجزء السفلي هو الأكثر برودة، مما يجعله مناسبًا للحوم ومنتجات الألبان. أما الأدراج في الباب، فهي الأكثر حرارة، لذا فهي الأنسب لتخزين التوابل والبيض. بعد كل جرد، أحرص على تنظيم الثلاجة، وأضع المكونات التي أوشكت على الانتهاء في مكان بارز، لأذكر نفسي باستخدامها أولاً. هذه العادة لا تجعل الثلاجة تبدو مرتبة فحسب، بل تساعد أيضًا في تجنب نسيان المكونات في الزوايا مما يؤدي إلى تعفنها.
تحدي جرد الثلاجة هو في الحقيقة لعبة تتعلق بالإبداع والصبر. كل مرة أحول فيها مجموعة من المكونات التي تبدو غير متناسقة إلى وجبة، أشعر وكأنني كيميائي طعام. على سبيل المثال، في إحدى المرات، كان لدي نصف كيس من البطاطس، وطماطم واحدة، وقطعة صغيرة من الجبنة في الثلاجة، فجاءتني فكرة، قمت بسلق البطاطس وهرسها، ثم خلطتها مع الطماطم المقطعة والجبنة، ورشيت عليها قليل من الملح والفلفل الأسود، ثم خبزتها لتصبح فطائر بطاطس. عندما خرجت من الفرن، كانت ذهبية ومقرمشة، مع كوب من الشاي، شعرت بسعادة غامرة. وفي مرة أخرى، كان لدي وعاء صغير من الأرز وبضع قطع من صدور الدجاج، قمت بتتبيل الدجاج بصوص الصويا، والعسل، والثوم المفروم، ثم قمت بقليه وقطعته إلى شرائح، وقلّبتها مع الأرز، ورشيت عليها قليل من زيت السمسم، وبهذا حصلت على طعم يشبه طعام الغداء الياباني. هذه النجاحات غير المتوقعة زادت من ثقتي في المطبخ، وأدركت أن توفير المال واللذة لا يتعارضان أبدًا.
هذه المغامرة في جرد الثلاجة لم تعلمني فقط كيفية تناول أكبر تنوع من الطعام بأقل تكلفة، بل جعلتني أعيد تقييم قيمة الطعام. تلك المكونات المنسية، في الحقيقة، كانت تنتظر فرصة لإعادة اكتشافها. كلما فتحت الثلاجة، لم أعد أشعر أنني "لا أملك شيئًا"، بل أرى بداية مغامرة طهو. ربما يمكنك أيضًا تجربة هذا التحدي الأسبوعي، باستخدام قلب فضولي، لتحويل "الأشياء المتنوعة" في الثلاجة إلى وليمة. ليس فقط محفظتك ستشكرك، بل الأرض أيضًا ستصفق لك.