الضرائب: "موقد" السوق السوداء
السجائر لم تكن أبداً مجرد سلعة استهلاكية، بل هي أشبه بفاتورة ضريبية تدخن. في العديد من البلدان، تكون معدلات الضرائب على السجائر مرتفعة بشكل غير معقول. على سبيل المثال، في إحدى الدول، قد تصل نسبة الضرائب في سعر التجزئة لعلبة سجائر عادية إلى 60%، بينما الجزء المتبقي هو التبغ والورق وأرباح التجار الضئيلة. إلى أي مدى تكون الضرائب مرتفعة؟ عند تدخين سيجارة، تشعر وكأن نصفها يذهب إلى مصلحة الضرائب. هذه "الضرائب الباهظة" تجعل المدخنين يشعرون بالألم، كما تجعل بعض الأشخاص يشمون رائحة الفرصة - إذا تمكنوا من تجاوز الضرائب وبيع "سلع رخيصة"، ألن يصبحوا أغنياء؟
لذا، نشأت سوق السجائر السوداء. المهربون مثل القراصنة الذين اكتشفوا كنزًا، يفرحون بنقل صناديق السجائر من الدول ذات الضرائب المنخفضة، ثم يبيعونها بأسعار "مناسبة" للمدخنين الجائعين. وغالبًا ما تأتي هذه السجائر المهربة من دول مجاورة، أو من أماكن لا تكون فيها ضرائب التبغ "صارمة" للغاية. على سبيل المثال، في إحدى دول جنوب شرق آسيا، تكون معدلات الضرائب على السجائر منخفضة لدرجة تجعلك تفكر في الانتقال للعيش هناك، حيث تتوفر الإمدادات بكثرة والأسعار رخيصة، إنها حقًا يوتوبيا للمهربين. يستخدمون الشاحنات، وزوارق الصيد، وحتى الطائرات بدون طيار، لتهريب السجائر عبر الحدود، وتسليمها للمدخنين، وجني الأرباح الوفيرة.
سحر الضرائب لا يتوقف عند هذا الحد. فهي لا تخلق فقط التهريب، بل تجعل السوق السوداء تتشكل كصناعة كاملة. من الإنتاج إلى النقل، ثم التوزيع، تكون العملية بأكملها أكثر كفاءة من بعض شركات التداول العامة. والأكثر روعة هو أن الضرائب المرتفعة تجلب نوعًا من "علم النفس الاقتصادي". يعرف المدخنون أن شراء السجائر من السوق السوداء يحمل مخاطر، لكن بمجرد أن يفكروا في توفير بعض المال، يشعرون على الفور أن هذه المخاطرة تستحق العناء. في النهاية، من لا يريد أن يشعر بألم أقل عند دفع المال؟ بل إن بعض المدخنين يشعرون أيضًا بنوع من "الإحساس بالتمرد" عند شراء السجائر المهربة، كما لو كانوا يلعبون لعبة قط وفأر مع مصلحة الضرائب.
قصة نجاح أصحاب السجائر المهربة: من سوق الخضار إلى "إمبراطورية التبغ"
عند الحديث عن السجائر المهربة، كيف يمكن عدم ذكر "ملوك السجائر تحت الأرض"؟ هم ليسوا رجال أعمال يرتدون بدلات، بل يشبهون أكثر الباعة المتجولين في الشوارع. على سبيل المثال، "لاو وانغ" (اسم مستعار)، بائع سمك سابق في سوق الخضار، خطرت له فكرة: الربح من بيع السمك قليل، فلماذا لا يبيع السجائر؟ حصل على شاحنة من السجائر المهربة من "مصدر موثوق"، وبدأ ببيعها في سوق الليل بأسعار منخفضة. ونتيجة لذلك، جاء المدخنون مثل القطط التي تشم رائحة السمك، وتدافعوا نحو بسطته حتى كادت أن تنفجر.
توسعت أعمال لاو وانغ، من بائع في سوق الليل إلى "وكيل إقليمي"، حتى أصبح لديه فريق صغير من الشاحنات، مخصص للذهاب إلى الحدود. شعاره هو: "المنتجات الأصلية باهظة الثمن، سجائر الأخ الأكبر، اقتصادية وممتعة!" لاو وانغ لديه أيضًا عقل تجاري، ويفهم "تسويق العلامات التجارية". أطلق على السجائر المهربة اسمًا لامعًا - "سجائر الأثرياء"، مع طباعة تصميم تنين لامع على العبوة، مما يجعلها تبدو أكثر فخامة من المنتجات الأصلية. عندما يشتري المدخنون هذه السجائر، لا يشعرون فقط أنهم وفروا المال، بل يشعرون أيضًا أنهم يدخنون "سلع فاخرة"، مما يزيد من شعورهم بالرضا. حتى أن بعض الأشخاص نشروا في دوائرهم الاجتماعية: "أدخن سجائر الأثرياء، أشعر أنني قريب من الأثرياء فقط بفارق فيلا واحدة!"
بالطبع، قصة نجاح لاو وانغ لم تكن سلسة. فالجمارك والشرطة ليسوا سذجًا، وغالبًا ما تظهر أخبار ضبط السجائر المهربة في الصحف. في إحدى المرات، تم احتجاز شاحنة لاو وانغ، ففكر بسرعة، وأخفى السجائر في سلة السمك، وتمكن من تجاوز الحدود بفضل رائحة السمك. أصبحت هذه القصة أسطورة في دوائر السوق السوداء، وحصل لاو وانغ على لقب "ملك سجائر السمك". وفي مرة أخرى، كاد أن يتم الإبلاغ عنه من قبل منافس، لكن لحسن حظه، استخدم مهاراته في "قراءة تعابير الوجه" التي اكتسبها في سوق الخضار، وهرب في الوقت المناسب، محافظًا على بضاعته وأعماله. المخاطر عالية، والعوائد أيضًا عالية، فتهريب ناجح يمكن أن يحقق أرباحًا تصل إلى عدة أضعاف، لذا ليس من المستغرب أن يستمر لاو وانغ في هذا العمل.
نجاح لاو وانغ ألهم مجموعة من "الأجيال الجديدة". اليوم، لا تفتقر السوق السوداء إلى الشباب الذين ينضمون، وهم أكثر دراية باستخدام التكنولوجيا. على سبيل المثال، يستخدم البعض تطبيقات الدردشة المشفرة لتلقي الطلبات، ويستخدمون الطائرات بدون طيار لنقل البضائع، وحتى يفتحون "أسواق التبغ" على الإنترنت المظلم، مما يجعلهم جزءًا من "التجزئة الجديدة" في السوق السوداء. قصص هؤلاء الباعة الجدد تجعل الناس يتعجبون: يبدو أن أن تكون "ملك سجائر تحت الأرض" يتطلب أيضًا مواكبة العصر.
السجائر المزيفة أيضًا يمكن أن تصبح حديث الساعة: "كود تدفق" التبغ الرديء
إذا كانت السجائر المهربة هي الطبق الرئيسي في السوق السوداء، فإن السجائر المزيفة هي حلوى تجعل الناس يضحكون ويبكون في آن واحد. إنتاج السجائر المزيفة هو قمة الإبداع والجرأة. يستخدم المزيفون تبغًا رخيصًا، وورقًا رديئًا، وحتى بعض "المواد المجهولة" (لا تسأل ما هي، إذا سألت، لن تجرؤ على التدخين)، ويصنعون سجائر تشبه المنتجات الأصلية. هذه السجائر ليست فقط رخيصة بشكل غير معقول، بل إن تغليفها أيضًا مبدع للغاية. على سبيل المثال، تحاكي إحدى العلامات التجارية المزيفة علامة تجارية معروفة، حيث تحمل العبوة عبارة "إصدار محدود من الذهب"، لكن عند تدخينها، يكون طعمها كطعم الصنادل المحترقة. وهناك من يشتكي: "عند تدخين هذه السجائر، أشعر أن رئتي تعترض!"
الأكثر غرابة هو أن السجائر المزيفة يمكن أن تصبح "مشاهير الإنترنت". مؤخرًا، نشر أحد المدونين على منصة فيديو قصيرة علبة من "سجائر الأثرياء"، مدعيًا: "عند تدخينها، تصبح ثريًا". في الفيديو، أشعل السيجارة، وأخرج سحابة من الدخان، مع موسيقى خلفية مبالغ فيها، مما جعل السجائر الرديئة تبدو أنيقة. انفجر قسم التعليقات، حيث سخر البعض: "هل تدخين هذه السجائر سيجعلك غنيًا؟" وسأل آخر: "أين يمكنني شراؤها؟ أريد علبة منها!" ونتيجة لذلك، أصبحت هذه العلبة من السجائر المزيفة حديث الساعة، وزادت مبيعاتها بشكل كبير، حتى أن صانعيها أنفسهم أصيبوا بالدهشة: هل يمكن أن تحقق السلع المزيفة مبيعات بفضل التدفق؟
لكن خلف نكات السجائر المزيفة، تكمن ظلال الاقتصاد. يعرف صانعو السجائر المزيفة جوهر "التحكم في التكاليف"، حيث يستخدمون أرخص المواد لتحقيق أقصى قدر من الأرباح. وماذا عن المدخنين؟ العديد منهم يعرفون أن هذه سجائر مزيفة، لكنهم لا يزالون يرغبون في شرائها، فقط من أجل السعر الرخيص. هذه النفسية الاستهلاكية "الأولوية للسعر المنخفض" تجعل سوق السجائر المزيفة تستمر في الازدهار. والأكثر روعة هو أن السجائر المزيفة قد أوجدت "صناعة التحقق من السجائر". بعض المدخنين القدامى يطلقون على أنفسهم "العين الثاقبة"، ويعلمون الناس كيفية التمييز بين السجائر الأصلية والمزيفة، مثل "مراقبة خط الكتابة" و"رائحة التبغ". ونتيجة لذلك، تزداد مبيعات السجائر المزيفة، وتصبح دروس التحقق من السجائر رمزًا للتدفق. كتب أحد المدخنين حتى قصيدة ساخرة: "السجائر الأصلية والمزيفة، لا يمكن تمييزها، تدخينها يكشف طعم الصنادل، يا أخي، عند شراء السجائر، يجب أن تكون حذرًا!"
دروس "الاقتصاد" من السجائر السوداء
عالم السجائر السوداء، يبدو ظاهريًا كصراع بين المدخنين والمهربين، لكنه في الواقع احتفال بالضرائب، والعرض والطلب، والطبيعة البشرية. الضرائب ترفع أسعار المنتجات الأصلية، مما يؤدي إلى التهريب والسجائر المزيفة؛ المهربون يستخدمون ذكاءهم (وقليل من الجرأة) لبناء سلسلة صناعية تحت الأرض؛ المدخنون، بين "توفير المال" و"المخاطرة"، يختارون الأولى، بل ويجدون فيها شعورًا بالتمرد. السجائر المزيفة، بفضل تغليفها المبتكر وتسويقها الفيروسي، تحولت إلى "سجائر الأثرياء"، وشاركت في اقتصاد التدفق.
هذا يجعل المرء يتأمل: سحر الاقتصاد يكمن في قدرته على تحويل علبة صغيرة من السجائر إلى قصة مليئة بالضحك وفهم الطبيعة البشرية. ربما، في المرة القادمة التي تمر فيها بجانب بائع في زاوية الشارع، وترى شخصًا يروج "للسجائر الخاصة"، لا تتردد في إلقاء نظرة أطول - قد تكتشف أن هناك أسرار اقتصادية أعمق من التبغ. من يدري؟ ربما في أحد أكشاك سوق الليل، يكون لاو وانغ مشغولًا بعد النقود، ويخطط للطلب التالي من "سجائر الأثرياء"، بينما أنت، تدخن سجائره، تضحك على هذا العالم الغريب والواقعي.