لماذا يُعتبر النبيذ الأحمر "ملك مضادات الأكسدة"؟
ترتبط علاقة النبيذ الأحمر بمضادات الأكسدة لأول مرة بـ "مفارقة فرنسا": حيث أن الفرنسيين، على الرغم من تناولهم نظام غذائي عالي الدهون، إلا أن معدل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية منخفض، وقد عُزيت هذه الظاهرة إلى عادتهم اليومية في تناول النبيذ الأحمر بكميات معتدلة. ومنذ ذلك الحين، انتشرت انطباعات "مضادات الأكسدة في النبيذ الأحمر، وحماية القلب" على نطاق واسع.
تشمل "مضادات الأكسدة" في النبيذ الأحمر بشكل رئيسي مكونات من عائلة البوليفينول، وخاصة ريسفيراترول، الأنثوسيانين، بروانثوسيانيدين والفلافونويد. يُعتبر ريسفيراترول هو الأكثر دراسة، حيث أظهرت التجارب أنه يمكن أن يزيل الجذور الحرة، ويبطئ موت الخلايا، وينظم أيض الدهون في الكائنات الحية.
لكن المشكلة تكمن في أن الجرعة المستخدمة من ريسفيراترول في التجارب كانت أعلى بكثير من تلك الموجودة في كوب واحد من النبيذ الأحمر. على سبيل المثال، للوصول إلى كمية ريسفيراترول الفعالة المستخدمة في التجارب على الحيوانات، يحتاج الشخص إلى شرب حوالي 1000 زجاجة من النبيذ الأحمر يوميًا. وهذا بالطبع غير واقعي.
تعتبر المراجعات النظامية والتحليلات التلوية الأكثر تقدمًا أن تناول النبيذ الأحمر بكميات معتدلة (مثل النساء لا يتجاوزن 150 مل يوميًا، والرجال لا يتجاوزون 300 مل) قد يكون له تأثير وقائي طفيف على القلب والأوعية الدموية، لكن الإفراط في الشرب قد يؤدي إلى عبء على الكبد، وزيادة ضغط الدم، والاعتماد على الكحول، وغيرها من المخاطر المتعددة.
لذا، فإن القول بأن النبيذ الأحمر "مضاد للأكسدة" ليس خيالًا من حيث المكونات، لكن تأثيره بعيد عن القوة التي يتم الترويج لها، ويجب التحكم في الجرعة بدقة، وإلا فإن "الشرب من أجل الصحة" قد يتحول إلى "الشرب من أجل الأذى".
ما هو تأثير القهوة المنبه على أي جزء من الجهاز العصبي؟
الكافيين، كمنبه للجهاز العصبي المركزي، تم تأكيد تأثيره "المنبه" منذ القرن العشرين. آلية عمله الرئيسية هي من خلال التنافس مع مستقبلات الأدينوزين في الدماغ، مما يمنع إشارات التهدئة الناتجة عن الأدينوزين.
يعمل الأدينوزين في الجسم كـ "منوم"، حيث يتراكم مع زيادة وقت اليقظة، مما يسبب الشعور بالتعب. الكافيين يحاكي تمامًا التركيب الجزيئي للأدينوزين، ويمكنه "التنكر" ليحتل المستقبلات، لكنه لا يثير رد فعل التعب، مما يجعل الشخص يشعر بمزيد من اليقظة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحفز الكافيين إفراز الدوبامين والنورأدرينالين، مما يزيد من التركيز وسرعة الاستجابة. يصل هذا التأثير إلى ذروته بعد حوالي 15-45 دقيقة من الاستهلاك، ويمكن أن يستمر لمدة 3-5 ساعات.
ومع ذلك، فإن تأثير التنبيه يعتمد بشكل واضح على "الجرعة". تختلف حساسية كل شخص تجاه الكافيين، حيث يحتاج بعض الأشخاص فقط إلى 50 ملغ ليعانوا من الأرق، بينما لا يؤثر على النوم لدى أولئك الذين يتحملون 300 ملغ يوميًا.
يمكن أن يؤدي الاعتماد على القهوة لفترة طويلة إلى "تكييف"، مما يعني زيادة عدد مستقبلات الأدينوزين، مما يؤدي إلى تقليل تأثير نفس الجرعة، وقد تظهر في النهاية أعراض انسحاب مثل الصداع والتهيج.
لذا، فإن القهوة تعزز اليقظة من خلال آلية عصبية، لكن يجب استخدامها باعتدال، ولا ينبغي أن تُعتبر وسيلة طويلة الأمد "لتعويض التعب". يُوصى بالتحكم في كمية الاستهلاك اليومي بين 200-400 ملغ، وهو ما يعادل كوبين إلى ثلاثة أكواب من القهوة المتوسطة.

هل العلامات الصحية للمشروبات الوظيفية مدفوعة بالاستهلاك أم هي أدلة واقعية؟
سواء كان الأمر يتعلق بـ "مضادات الأكسدة في النبيذ الأحمر" أو "المنبه في القهوة"، فإنها جميعًا تنتمي إلى فئة علامات "المشروبات الوظيفية". في علم نفس الاستهلاك، تتمتع هذه الأنواع من العلامات بتأثير قوي، خاصة في سياق اجتماعي يزداد فيه الوعي الصحي، حيث يمكن أن يؤدي منح المشروبات نوعًا من "الفعالية الإيجابية" إلى زيادة كبيرة في رغبة المستهلك.
لكن هذه "العلامات الوظيفية" غالبًا ما تحتوي على عدة انحرافات شائعة:
الأولى هي "الترويج المفرط لمكون واحد". مثل تضخيم تأثير ريسفيراترول في النبيذ الأحمر، مع تجاهل الأعباء الصحية للمكونات الأخرى؛ أو تسليط الضوء على فوائد الكافيين، دون الإشارة إلى تأثيره المحفز على إفراز حمض المعدة.
الثانية هي "فصل الجرعة عن الكمية الفعلية للاستهلاك". تستخدم العديد من الدراسات مستخلصات عالية التركيز، وليس الجرعات الشائعة في السوق. تطبيق بيانات المختبر مباشرة على النظام الغذائي اليومي غالبًا ما يؤدي إلى استنتاجات مشوهة.
الثالثة هي "اختلاط تأثيرات الصحة مع متغيرات نمط الحياة". على سبيل المثال، الأشخاص الذين يشربون النبيذ الأحمر بكميات معتدلة عادة ما يكون لديهم مستوى اجتماعي اقتصادي أعلى وعادات حياة أكثر صحة، وقد لا تعود صحتهم القلبية الوعائية بالكامل إلى النبيذ الأحمر.
من المثير للاهتمام، أن دراسة حول إدراك "علامات المشروبات الوظيفية" وجدت أن أكثر من 60% من المستهلكين عند اختيار النبيذ الأحمر أو القهوة، يستشهدون طواعية بكلمات مثل "مضادات الأكسدة" و"المنبه"، لكن أقل من 30% منهم يفهمون فعلاً آلياتها الفسيولوجية.
في هذه الحالة من عدم التوازن المعلوماتي، غالبًا ما يتم تبسيط العلم ليصبح مادة تسويقية. يجب مناقشة التأثير الفعلي للمشروبات الوظيفية في سياق التحقق العلمي، والجرعة المناسبة، والاختلافات الفردية.
لماذا تحدد الاختلافات الفردية التأثيرات المختلفة؟
غالبًا ما نرى أشخاصًا "يعانون من الأرق طوال الليل بعد شرب فنجان من القهوة"، بينما هناك من "يشعر بالنعاس حتى بعد شرب قهوة مزدوجة بعد الوجبة"؛ وهناك من "يصبح وجهه محمرًا بعد شرب النبيذ الأحمر"، بينما هناك من "يستمتع بكوبين في ليلة واحدة". هذه الاختلافات ليست مجرد "فكرة غامضة عن الجسم"، بل لها آليات فسيولوجية حقيقية.
أولاً، هناك اختلافات في الأيض. يتم استقلاب الكافيين بشكل رئيسي بواسطة إنزيم الكبد CYP1A2، والذي يختلف جيناته بشكل كبير بين المجموعات المختلفة. بعض الأشخاص ينتمون إلى "نوع الأيض السريع"، حيث يتم إزالة الكافيين بسرعة، ومدة تأثيره قصيرة؛ بينما ينتمي آخرون إلى "نوع الأيض البطيء"، حيث يبقى لفترة طويلة، ويؤثر بشكل كبير على النوم.
ثانيًا، هناك اختلافات في ميكروبات الأمعاء. تحتاج مكونات البوليفينول المضادة للأكسدة في النبيذ الأحمر إلى تحويل مشترك بواسطة الميكروبات المعوية لتكون قابلة للامتصاص بشكل فعال، ومن المرجح أن يستفيد أولئك الذين لديهم ميكروبات معوية غنية ومتنوعة، بينما ينخفض معدل الامتصاص لدى أولئك الذين يعانون من اختلال في الميكروبات.
ثالثًا، يمكن أن تؤثر مستويات الهرمونات أيضًا على التجربة. تتغير قدرة النساء على تحمل الكافيين وسرعة استقلاب النبيذ الأحمر في مراحل مختلفة من الدورة الشهرية، ويجب تجنب تناول الكافيين والكحول بشكل خاص خلال فترة الحمل.
هذا يوضح أن تأثيرات المشروبات الوظيفية لا يمكن تعميمها بشكل موحد. من الضروري فهم الخصائص الفردية والتركيز على ردود الفعل الفسيولوجية قبل الشرب، وهو الشرط الأساسي لبناء علاقة إيجابية بين "الوظيفة والصحة".
تحليل الحالة: من الإيمان الأعمى إلى الوعي في قصص الشرب
السيدة لين هي موظفة تسويق تبلغ من العمر 30 عامًا، وتعتبر نفسها "خبيرة تجميل بالنبيذ الأحمر"، حيث تشرب كوبًا من النبيذ الأحمر بعد العشاء يوميًا. في البداية، شعرت حقًا بـ "تحسن لون بشرتها، وسرعة النوم"، لكن بعد ثلاثة أشهر، أظهرت الفحوصات ارتفاع إنزيمات الكبد، وزيادة الوزن. وعندما سألها الطبيب، اكتشف أنها كانت تشرب النبيذ الأحمر الحلو الذي يحتوي على نسبة عالية من السكر بشكل مفرط، معتقدة أن "كلما كان النبيذ أحلى، كان تأثيره أفضل".
حالة أخرى هي السيد وانغ، مبرمج في شركة إنترنت، يشرب ثلاث أكواب كبيرة من القهوة الأمريكية يوميًا لمواجهة وتيرة العمل المزدحمة. في البداية، كان يشعر بالنشاط، لكن بعد ذلك ظهرت عليه أعراض مثل خفقان القلب، وحموضة المعدة، والأرق الليلي. بعد تعديل استهلاكه إلى كوب واحد يوميًا، وتغيير نوع القهوة إلى قهوة متوسطة الحموضة، تحسنت الأعراض بشكل ملحوظ.
تظهر هاتان الحالتان أنه حتى لو كانت المشروبات تحتوي على مكونات مفيدة، فإن أسلوب الاستهلاك غير المعقول يمكن أن يغطي تأثيرها الإيجابي أو حتى يسبب ضررًا. إن العبادة العمياء للشعارات الوظيفية لن تؤدي إلا إلى "عكس الأمور".
إعادة العلم إلى خيارات الحياة العقلانية
عند العودة إلى الحياة، لا ننكر أن النبيذ الأحمر والقهوة يحتلان مكانة مهمة في النظام الغذائي الحديث، ولديهما تأثيرات فسيولوجية معينة. لكن الشرط الأساسي للاستهلاك العقلاني هو إدراك أنهما ليسا "علاجًا سحريًا"، ولا "وحشًا مدمراً".
تتمثل فعالية النبيذ الأحمر المضادة للأكسدة في البوليفينول، لكن الجرعة الفعالة محدودة؛ وتأثير الكافيين المنبه واضح، لكنه يحمل مشكلات الاعتماد والتحمل.
لا ينبغي أن تُعزى التوقعات الصحية فقط إلى كوب من النبيذ الأحمر أو كوب من القهوة، بل يجب أن تكون نتيجة لتوازن شامل في هيكل النظام الغذائي، وأنماط النوم، وإدارة العواطف. يجب أن تخدم المشروبات الوظيفية الإيقاع، وليس أن تحل محل الحياة الصحية نفسها.
"العلم" ليس مجرد علامة، بل هو أساس الاختيار.