علاقة الفواكه بـ "السكر": ليست مجرد مسألة حلاوة
"الحلاوة" هي أكثر إشارة طعم حساسية لمرضى السكري، لكن "حلاوة" الفواكه لا تعادل السكر البسيط. المكونات السكرية الرئيسية في الفواكه تشمل الفركتوز، الجلوكوز والسكروز، حيث غالبًا ما يكون الفركتوز هو الأكثر، ومسار استقلابه يختلف عن الجلوكوز، ولا يؤدي مباشرة إلى ارتفاع حاد في مستوى السكر في الدم. بالإضافة إلى ذلك، الفواكه غنية بالألياف الغذائية، ومضادات الأكسدة، والفيتامينات والماء، وهذه العوامل تؤثر مجتمعة على تأثيرها الفعلي على مستوى السكر في الدم.
خصوصًا الألياف الغذائية، حيث يمكن أن تؤخر امتصاص السكر، وتقلل من ذروة السكر في الدم بعد الوجبة. على سبيل المثال، عند تناول تفاحة كاملة بنفس كمية السكر، فإن تأثيرها على مستوى السكر في الدم يكون أقل بكثير من عصير التفاح. لأن عملية العصر تدمر بنية جدران الخلايا، مما يؤدي إلى تصفية كمية كبيرة من الألياف، مما يسمح للسكر بالدخول بسرعة إلى الدم، مما يزيد من سرعة ارتفاع السكر.
لذا، عند تقييم ما إذا كانت الفواكه "مناسبة" لمرضى السكري، لا يمكن النظر فقط إلى الحلاوة أو محتوى السكر، بل يجب أيضًا أخذ الهيكل العام للفواكه، ونسبة الألياف، ومؤشر السكر في الدم (GI) والحمل الجلايسيمي (GL) في الاعتبار.
مؤشر السكر في الدم والحمل الجلايسيمي: فهم "مدى ارتفاع مستوى السكر بعد الأكل"
في إدارة سكر الدم من خلال النظام الغذائي، "مؤشر السكر في الدم (GI)" و"الحمل الجلايسيمي (GL)" هما مفهومان يجب فهمهما.
مؤشر السكر في الدم (GI) يعبر عن القيمة النسبية لسرعة ارتفاع مستوى السكر في الدم بعد تناول الطعام، ويتراوح من 0 إلى 100، حيث يتم اعتبار الجلوكوز كمرجع ويحدد بـ 100.
الحمل الجلايسيمي (GL) يأخذ في الاعتبار كمية الكربوهيدرات الفعلية في الطعام بناءً على GI، أي GI × كمية الكربوهيدرات / 100.
يجب على مرضى السكري اختيار الفواكه التي يكون فيها قيمة GI أقل من 55، واختيار كميات مناسبة في كل مرة، لضمان أن لا يتجاوز GL 10، مما يساعد على استقرار مستوى السكر في الدم.
على سبيل المثال:
تفاح GI حوالي 36، GL حوالي 6
كرز GI حوالي 22، GL حوالي 3
بطيخ GI يصل إلى 72، لكن بسبب انخفاض محتوى السكر، فإن GL لا يزال حوالي 4
هذا يعني أنه ليس كل الفواكه "ذات GI مرتفع" لا يمكن تناولها، بل يجب النظر إلى الكمية لتقييم التأثير الكلي. على العكس، تلك الفواكه التي تبدو "صحية" إذا تم تناولها بكميات كبيرة، قد تؤدي إلى تقلبات ملحوظة في مستوى السكر في الدم.

ما هي الفواكه الأكثر ملاءمة لمرضى السكري؟ اختيار الأنواع ذات GI المنخفض والغنية بالألياف
عند اختيار الفواكه، يجب على مرضى السكري أن يأخذوا في الاعتبار الأنواع التي تتميز بالخصائص التالية:
غنية بالألياف الغذائية، تحتوي على نسبة عالية من البكتين:
مثل التفاح، الكمثرى، البرقوق، وما إلى ذلك، تساعد في إبطاء سرعة امتصاص السكر.
قيمة GI منخفضة، وقيمة GL منخفضة:
مثل الأفوكادو، الكرز، التوت الأزرق، الجريب فروت، الجوافة، وما إلى ذلك، هذه الفواكه لها تأثير ضئيل على مستوى السكر في الدم.
غنية بمضادات الأكسدة:
التوت الأزرق، التوت الأسود، الفراولة غنية بالأنثوسيانين، مما يساعد على تحسين حساسية الأنسولين.
محتوى مائي مرتفع ولكن السكر معتدل:
مثل البطيخ، والشمام، على الرغم من أن قيمة GI مرتفعة قليلاً، إلا أن الكميات الصغيرة في كل مرة لا تسبب استجابة سكر دم حادة.
طرق التناول المقترحة:
لا يُنصح بتناولها على معدة فارغة، يجب تناولها بين الوجبات أو بعد 30 دقيقة من الوجبة؛
لا يُنصح بعصرها، حيث أن الاحتفاظ بالألياف الكاملة أكثر فائدة؛
يجب أن تكون كمية التناول في كل مرة بين 100-150 جرام (حوالي نصف تفاحة، أو حفنة صغيرة من التوت الأزرق، أو قطعة صغيرة من الشمام)؛
يمكن تناولها مع المكسرات، أو الزبادي، أو غيرها من الأطعمة الغنية بالبروتين أو الدهون، مما يبطئ الامتصاص ويقلل من تقلبات السكر في الدم.
ما هي الفواكه التي يجب تناولها بحذر أو تجنبها؟ يجب الحذر من الفواكه ذات GI العالي والحمل الجلايسيمي العالي
ليس كل الفواكه مناسبة لمرضى السكري، ويجب التعامل بحذر مع الأنواع التالية:
فواكه عالية السكر وGI:
ليتشي: GI حوالي 79، تحتوي على نسبة عالية من السكر ونسبة مرتفعة من الفركتوز + الجلوكوز؛
دوريان: يحتوي على نسبة عالية من الدهون والكربوهيدرات، مما يؤدي إلى تجاوز السعرات الحرارية ومستوى السكر؛
أناناس: GI حوالي 66-70، خاصةً يجب تجنب الأناناس المعلب في الشراب؛
مانجو: يحتوي على نسبة عالية من السكر، ودرجة حلاوة مرتفعة، وقيمة GL مرتفعة؛
عنب: نسبة الجلوكوز مرتفعة، مما يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستوى السكر.
فواكه مجففة:
مثل الزبيب، والتمر المجفف، والتين المجفف، حيث أن فقدان الماء يجعل محتوى السكر لكل وحدة وزن مرتفعًا للغاية، مما يزيد من قيمة GL بشكل كبير.
منتجات الفواكه المعالجة:
مثل الفواكه المعلبة، والمربى، والفواكه المجففة، ومشروبات العصير، والزبادي المنكه، غالبًا ما تحتوي على كميات كبيرة من السكر أو المحليات، مما يزيد من تأثير السكر مقارنة بالفواكه الطازجة.
المفاهيم الخاطئة الشائعة:
"تناول الفواكه الطبيعية أفضل من الحلويات": ليس صحيحًا تمامًا، إذا كانت الكمية غير متحكم فيها، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع ملحوظ في السكر؛
"مرضى السكري لا يمكنهم تناول الموز": في الواقع، الموز الصغير والموز الناضج جزئيًا لهما قيمة GI منخفضة، ويمكن تناولها بكميات معتدلة؛
"تناول الأدوية أو شرب الخل قبل تناول الفواكه يمكن أن يمنع ارتفاع السكر": لا يوجد دليل علمي كافٍ، ويجب أن تظل الأنواع والكمية هي الأولوية.
استراتيجية الفواكه تحت الفروق الفردية: استجابة مستوى السكر تختلف من شخص لآخر
على الرغم من أن الأبحاث العلمية تقدم بعض بيانات GI/GL المتوسطة، إلا أن الملاحظات السريرية تظهر أن استجابة مستوى السكر في الدم لنفس الفاكهة تختلف بشكل كبير بين الأفراد، وهذا مرتبط بالعوامل التالية:
حساسية الأنسولين؛
ما إذا كانت هناك مشاكل في وظائف الكبد أو الكلى؛
ما إذا كانت تؤكل على معدة فارغة؛
ما إذا كانت تؤكل مع وجبات أخرى؛
وجود عادات رياضية؛
ما إذا كان يتم تناول أدوية خافضة للسكر أو حقن الأنسولين.
على سبيل المثال، مريض مسن مصاب بداء السكري من النوع الثاني، مع التحكم في النظام الغذائي وتناول الأدوية بانتظام، يتناول نصف تفاحة كل صباح، ولا يتأثر مستوى السكر في الدم تقريبًا. بينما مريض شاب، تناول كوبًا من عصير البطيخ على معدة فارغة، مما أدى إلى ارتفاع سريع في مستوى السكر. وهذا يوضح أن تناول الفواكه يجب أن يتماشى مع نتائج مراقبة مستوى السكر الفردية، وليس "قواعد صارمة" تمنعها.
التوصيات العملية:
استخدام "جهاز مراقبة السكر المستمر" أو "مراقبة السكر من طرف الإصبع" لمقارنة تناول الفواكه الجديدة قبل وبعد؛
الاحتفاظ بسجل للأطعمة ومستوى السكر، للعثور على "منطقة الأمان للفواكه" المناسبة لك؛
يمكن تجربة فواكه مختلفة على دفعات، مع قياس مستوى السكر بعد ساعة من كل تناول، إذا لم يتجاوز الحد، يمكن إدراجها في النظام الغذائي اليومي.
استراتيجية الإدارة: تحويل الفواكه إلى "داعم" بدلاً من "عبء"
الفواكه ليست عدوًا لمرضى السكري، المفتاح هو أن تكون استراتيجية الإدارة صحيحة، حتى يمكن تحويلها إلى "داعم" للتغذية:
تناولها في أوقات محددة:
أفضل وقت هو بين الوجبات، لتجنب تداخل السكر في الدم على معدة فارغة وبعد الوجبة.
التحكم في الكمية بشكل معقول:
كمية 100-150 جرام في كل مرة مناسبة، لتجنب تناول كميات كبيرة، خاصةً عند تقديمها مقطعة، مما قد يؤدي إلى تناول كميات زائدة دون وعي.
تناولها مع البروتينات والدهون:
مثل تناولها مع الزبادي غير المحلى، أو الجبنة قليلة الدسم، أو حفنة صغيرة من المكسرات، مما يساعد على إبطاء امتصاص السكر.
تفضيل الفواكه الكاملة بدلاً من العصير:
الفواكه الكاملة تحتفظ بمزيد من الألياف، مما يجعل تأثير السكر أكثر اعتدالًا؛ بينما العصير يرفع السكر بسرعة ولا يمكن التحكم في الكمية.
المراقبة والتسجيل بالتوازي:
الحفاظ على سجل دوري لمستوى السكر يساعد في بناء نموذج غذائي خاص بك ورسم استجابة.
الدعم النفسي:
بعض مرضى السكري يتجنبون جميع الفواكه بشكل متطرف بسبب "رهاب السكر"، مما يؤدي إلى نقص في التغذية وفيتامين C. الاستمتاع بالفواكه بشكل معتدل لا يثري تجربة الطعام فحسب، بل يعزز أيضًا الالتزام بالنظام الغذائي.
التحكم في مستوى السكر لا يعني حرمان النفس من كل ما هو حلو، المفتاح هو السيطرة على الأمور، وفهم المبادئ الأساسية، ووضع استراتيجيات معقولة. الفواكه كجزء مهم من هيكل النظام الغذائي ليست وحشًا. طالما تم الاختيار بشكل صحيح، وتم تناولها بشكل مناسب، يمكن لمرضى السكري الاستمتاع بنكهة الفواكه وقيمتها الغذائية مع الحفاظ على مستوى السكر في الدم تحت السيطرة.