لماذا يقول الصينيون، أو على الأقل بعضهم، لا للثلج؟ بينما نحن في فيتنام، عندما تكون درجة الحرارة 35، 37، 40 درجة، من الصعب جداً عدم وجود كوب من الشاي المثلج أو كوب من عصير الليمون المثلج في اليد. على العكس، في الصين، يصر العديد من الناس على شرب الماء الدافئ، حتى الشاي الساخن، في ظل حرارة الشمس الحارقة. أتذكر مرة ذهبت لتناول الطعام مع صديق صيني، وكان الجو حاراً كالنار. طلبت كوباً كبيراً من الشاي المثلج، كما هو معتاد في فصل الصيف. بينما صديقي طلب بهدوء كوباً من الماء المغلي ليبرد. منذ تلك اللحظة، بدأت أشعر بالفضول حول سبب وجود هذا الاختلاف الكبير.

في فيتنام، الثلج هو الحب الحقيقي. في أمريكا، كل كوب من الماء يحتوي على الكثير من الثلج. بينما في الصين، يفضلون الماء الدافئ. هناك ظاهرة لا أعلم إذا كنتم قد لاحظتموها أم لا؟ في الصين، إذا كان هناك أي شيء يُعتبر شيئاً لا يمكن الاستغناء عنه لمئات الملايين من الناس من المدن إلى القرى، من الطلاب إلى الموظفين المتقاعدين، فهو ليس الهاتف الذكي، بل هو زجاجة الماء الحرارية. إنها زجاجة معدنية ذات غطاء كبير بحجم قبضة اليد أو أحياناً بحجم الساق، تظهر في كل مكان في الصين.

والأمر المثير للاهتمام هو أنها لا تُستخدم للحفاظ على الماء البارد، بل للحفاظ على الماء الساخن. بشكل أكثر دقة، الماء الدافئ الذي يتراوح بين 50 إلى 60 درجة، وهو درجة الحرارة المناسبة لتدفئة البطن، وتهدئة الحلق، ومنح الناس شعوراً بالأمان على صحتهم. لا يستخدم الصينيون زجاجة الماء الحرارية فقط لأنها مريحة أو موفرة، بل هي رمز لنمط حياة صحي، دقيق، ويميل قليلاً إلى الخرافات. يعتقد الناس أن الماء الدافئ يمكن أن يفتح القنوات، ويهدئ المعدة، ويقي من نزلات البرد، ويحافظ على توازن الطاقة في الجسم، وخاصة يساعد على العيش لفترة أطول.

ليس من النادر أن ترى كبار السن في الصين، الذين تتراوح أعمارهم بين 80 إلى 90 عاماً، يمشون بصحة جيدة كل صباح، دون استخدام عصا، بل يحملون زجاجة الماء الحرارية. إذا دخلت مستشفى في الصين، سترى من الممرضات والأطباء إلى عائلات المرضى، الجميع يحمل زجاجة ماء ساخن. إذا دخلت مطاراً، بجوار الحمام، ستجد آلة لصب الماء المغلي تلقائياً لتعبئة الزجاجات. في الصباح في الحديقة، يجلس كبار السن بعد ممارسة التاي تشي لشرب الماء من تلك الزجاجة المألوفة، ويقولون لا للثلج.

لفهم لماذا لا يحب العديد من الصينيين شرب الماء المثلج، نحتاج إلى الغوص في كنز ثقافي، وهو الطب التقليدي الصيني. الطب التقليدي الصيني ليس مجرد إبر الوخز بالإبر أو الأعشاب المريرة، بل هو فلسفة حياة كاملة تؤثر على طريقة تناول الطعام، والنوم، وحتى ما يجب أن تشربه كل صباح.

في الطب التقليدي الصيني، يُعتبر جسم الإنسان ككون مصغر يحتاج إلى الحفاظ على التوازن بين الين واليانغ. الين هو البارد والسكون، بينما اليانغ هو الساخن والنشاط. وللصحة الجيدة، يجب أن يتناغم الين واليانغ كزوجين مثاليين. الآن، تخيل أنك تصب كوباً من الماء المثلج على جسمك، خاصة في الصيف عندما يكون جسمك ساخناً بالفعل أو بعد تناول وعاء من نودلز لحم البقر الحار، على سبيل المثال.

وفقاً للطب التقليدي الصيني، فإن الماء المثلج له طبيعة باردة، مما يعني أنه شديد البرودة، مما سيفاجئ الجهاز الهضمي كما لو كنت تصب دلوًا من الماء البارد في مقلاة تغلي. والنتيجة هي أن معدتك ستغضب، ويتباطأ الهضم، وأحياناً قد يجعلك تشعر بألم في البطن. على العكس، يُعتبر الماء الدافئ أو الماء المغلي ليبرد دافئاً، أي محايد، لطيف، وودود للجسم. شرب الماء الدافئ يشبه تدليل المعدة، مما يساعدها على الاسترخاء والهضم بشكل أفضل. كما يقول الطب التقليدي إن الماء الدافئ يحفز الدورة الدموية، مما يحافظ على طاقة اليانغ، أي الطاقة الدافئة للجسم، في أفضل حالاتها. قد يبدو الأمر غامضاً، لكن بالنسبة للصينيين، هذه هي الفلسفة التي توجه صحتهم.

نقطة أخرى هي أن الطب التقليدي يركز بشكل خاص على حماية المعدة. يصف الصينيون المعدة بأنها موقد صغير يجب الحفاظ عليه دافئاً لطهي الطعام. إذا صببت الماء المثلج، سيتوقف الموقد عن العمل وسيتعب الجسم. على العكس، يحافظ الماء الدافئ على الموقد مشتعلاً. قد يبدو هذا قديمًا بعض الشيء، لكنك ستجد هذه المنطق في كل مكان في الحياة الصينية، من طريقة تناولهم للطعام إلى كيفية العناية بصحتهم. بالإضافة إلى سبب الصحة، فإن عادة عدم شرب الماء المثلج تتأثر أيضاً بالثقافة والتاريخ الصيني. في الصين، الماء المغلي أو الماء النقي هو جزء لا يتجزأ من الحياة.

منذ مئات السنين، عندما لم تكن هناك تقنية لتنقية المياه، لم يكن الماء من الأنهار أو الآبار آمناً للشرب مباشرة، اكتشف الصينيون أن غلي الماء هو أفضل طريقة لقتل البكتيريا، ومن ثم أصبح الماء المغلي بطلاً في كل أسرة. حتى الآن، إذا ذهبت إلى أي مكان في الصين، مطعم، مدرسة، مكتب، حتى في المطار، سترى زجاجات الماء المغلي الكبيرة دائماً جاهزة. إذا كنت قد سافرت على متن قطار فائق السرعة من بكين إلى شنغهاي، فستجد منطقة مخصصة للحصول على الماء الساخن مجاناً. بينما في فيتنام، إذا دخلت مطعمًا على الرصيف، سيقدمون لك كوبًا من الشاي المثلج البارد، أليس كذلك؟

أما في الصين، فستحصل على كوب من الماء الدافئ، وأحياناً مع إبريق من الشاي الساخن لإظهار حسن الضيافة. سبب آخر يجعل الصينيين يفضلون الماء المغلي والماء الدافئ بدلاً من الماء المثلج هو ثقافة شرب الشاي. الصين هي واحدة من أوائل مواطن الشاي، ويجب تحضيره بالماء الساخن. شرب الشاي ليس فقط لتذوق النكهة، بل هو أيضاً وسيلة للاسترخاء، والتواصل مع الأصدقاء، والتواصل مع العائلة. حتى في الاجتماعات المهمة أو عند استقبال الضيوف، يصب الصينيون الشاي الساخن أو الماء الدافئ لإظهار الاحترام. الصين مختلفة جداً عن فيتنام في هذا الجانب.

في فيتنام، يظهر الثلج في كل مطعم ومقهى. في يوم صيف حار، تجلس على الرصيف، تطلب كوباً من الشاي المثلج أو كوباً من عصير الليمون. سماع صوت الثلج يتكسر، وشرب رشفة باردة هو حقاً جنة. أو عندما تذهب لتناول الفو، هل سبق لك أن طلبت ماء دافئ؟ ربما فعلت، لكن نادراً، لأن في فيتنام، الثلج ليس فقط للانتعاش، بل هو جزء من الثقافة، ويعكس روح الانفتاح والراحة، وما زلنا نسميه شاي مثلج. لكن هل تعلمون؟ عادة شرب الماء المثلج في فيتنام تأثرت أيضاً من فترة الاستعمار الفرنسي. عندما جلب الفرنسيون تقنية صنع الثلج، أصبح الثلج موضة، ومنذ ذلك الحين تسلل إلى كل زاوية من زوايا الحياة.

علاوة على ذلك، يتمتع فيتنام بمناخ استوائي حار ورطب على مدار السنة، لذا فإن الماء المثلج هو أسرع طريقة لتبريد الجسم. يتحدث الطب التقليدي الفيتنامي أيضاً عن الين واليانغ، لكنه لا يركز على تجنب الماء البارد كما هو الحال في الصين. لذلك، نشرب الماء المثلج بلا قلق. ماذا عن الدول الآسيوية الأخرى؟ اليابان هي مثال مثير للاهتمام. في الصيف، يحب اليابانيون شرب الشاي البارد أو الماء المثلج في المطاعم الحديثة. لكن في المنزل، لا يزال العديد منهم يحضرون الشاي الساخن أو يشربون الماء الدافئ مثل الصينيين.

في كوريا الجنوبية، سترى كلا الأمرين. هناك الماء البارد في المقاهي المخصصة للشباب، لكن الماء الدافئ أو الشاي الساخن في الأسر التقليدية. أما في الدول الغربية، في أمريكا، الثلج هو الملك. إذا دخلت مطعماً وطلبت ماءً، سيقدمون لك كوباً كبيراً مليئاً بالثلج بنسبة 80% والماء فقط 20%. في أوروبا، مثل إنجلترا أو ألمانيا، الثلج شائع أيضاً، لكن في بعض الأماكن يفضلون الماء في درجة حرارة الغرفة لأنهم يخافون من أن يتعرض جسمهم للبرودة. الأمر المضحك هو أنه حتى في الصين، بدأ الشباب في مدن مثل شنغهاي وبكين وشنتشن في تغيير التقاليد. يشربون الشاي بالحليب مع الثلج، والقهوة الباردة، والمشروبات الغازية المثلجة.

كل ذلك يتأثر بالثقافة الغربية والعولمة. لكن إذا ذهبت إلى المناطق الريفية أو قابلت كبار السن، فإن الماء الدافئ لا يزال هو المبدأ الثابت، بلا تغيير. بالنسبة لكبار السن أو أولئك الذين يعيشون بطريقة تقليدية، لا يزال الماء المثلج هو العدو. حتى في الأسر، سترى الأمهات والجدات دائماً يذكرن الأطفال بعدم شرب الماء البارد لأنه غير صحي. نقطة أخرى في الصين، إذا طلبت مشروباً بارداً، فإن الثلج عادة لا يكون كثيراً كما هو الحال في فيتنام أو أمريكا. على سبيل المثال، إذا طلبت كوباً من الشاي بالحليب، فإن الثلج يشغل فقط ثلث الكوب، أو يجب عليك أن تطلب المزيد من الثلج بوضوح حتى يعطوك المزيد.

بينما في فيتنام، في كوب من الشاي المثلج، أحياناً يكون الثلج كثيراً لدرجة أنك يجب أن تحفر طويلاً لتجد الماء. إذن، أي جانب أنت؟ هل تفضل شرب الماء المثلج أم الماء الدافئ؟ إذا كنت في فيتنام، ربما الأغلبية تشرب الماء المثلج. هل جربت يوماً في يوم صيف حار أن تشرب الماء الدافئ مثل الصينيين؟ كيف كانت مشاعرك؟

المستخدمون الذين أحبوا