لماذا تنتشر الشائعات؟ من أين جاءت فكرة "البيض المسلوق يسبب باركنسون"؟

مرض باركنسون هو مرض تنكسي في الجهاز العصبي المركزي، يتميز بشكل رئيسي ببطء الحركة، والرعشة، وتصلب العضلات، وهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتدهور خلايا الدوبامين العصبية. العوامل المسببة معقدة، وتشمل الخلفية الوراثية، والسموم البيئية، وزيادة العمر، والإجهاد التأكسدي، وغيرها.

ذكرت بعض وسائل الإعلام أن البيض يحتوي على الكولين، وأن عملية استقلاب الكولين قد تنتج أكسيد ثلاثي ميثيل الأمين (TMAO)، الذي يرتبط ارتباطًا محتملًا بتصلب الأوعية الدموية، والالتهابات، وبعض الأمراض التنكسية العصبية. تم اقتباس هذه العلاقة بشكل مجتزأ في بعض التقارير، وتحولت إلى عنوان "البيض المسلوق يساوي مسرع باركنسون"، مما أدى إلى انتشارها بشكل واسع على الإنترنت.

لكن الرأي العلمي الحقيقي بعيد عن هذا التبسيط. أولاً، الكولين هو عنصر غذائي مهم للحفاظ على الوظيفة الطبيعية للجهاز العصبي، ويشارك في تخليق الأستيل كولين، وهو مادة لا غنى عنها في نقل الإشارات العصبية. ثانيًا، لا يزال هناك نقص في الأدلة المباشرة حول ما إذا كان TMAO يسبب مرض باركنسون، حيث تركز معظم الأبحاث على تأثيره على النظام القلبي الوعائي.

قال طبيب الأعصاب في مستشفى بكين تشيخه، علنًا: "تناول البيض بكميات معتدلة يوميًا لن يزيد من خطر الإصابة بمرض باركنسون، بل له تأثير إيجابي على حماية الأعصاب." لذلك، بدلاً من الذعر من البيض، من الأفضل البحث عن إجابات علمية من خلال هيكل النظام الغذائي العام، ونمط الحياة، وآليات الوقاية من الأمراض.

القيمة الغذائية لا يمكن تجاهلها: البيض هو "وقود عالي الجودة" للدماغ

يُطلق على البيض لقب "مستودع غذائي طبيعي" بسبب مكوناته الغذائية الشاملة. يحتوي البيض متوسط الحجم (حوالي 50 جرامًا) على حوالي 70 سعرة حرارية، و6 جرامات من البروتين عالي الجودة، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الفيتامينات والمعادن.

بالنسبة لصحة الدماغ، يوفر البيض ثلاث فئات رئيسية من العناصر الغذائية:

الكولين

يعتبر مقدمة مهمة لتكوين الناقل العصبي الأستيل كولين، ويشارك في الحفاظ على الذاكرة، والتركيز، والقدرة على التعلم. أظهرت العديد من الدراسات أن نقص الكولين مرتبط بانخفاض الوظيفة الإدراكية.

الليسيثين

كونه جزءًا من غشاء الخلية، يساعد الليسيثين في إصلاح الخلايا العصبية ونقل الإشارات، وقد أشارت بعض الدراسات إلى دوره المساعد في تحسين الاضطرابات الإدراكية الخفيفة.

فيتامين B12 وD

يعتبر فيتامين B12 ضروريًا لحماية غمد المايلين العصبي، بينما يلعب فيتامين D دورًا مهمًا في تنظيم تطور الأعصاب والاستجابة الالتهابية. البيض هو أحد المصادر الطبيعية لهذين الفيتامينين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن العناصر الدقيقة مثل السيلينيوم، والحديد، والزنك الموجودة في البيض لها دور في الحفاظ على القدرة المضادة للأكسدة في الدماغ، وعمليات الأيض للطاقة. وبالتالي، فإن البيض لا "يضر الدماغ"، بل هو دعم مهم للحفاظ على صحة الجهاز العصبي.

الخطأ الأول: تناول الكثير يوميًا، وتجاهل مخاطر الكوليسترول

يحتوي صفار البيض على كمية كبيرة من الكوليسترول، حيث يحتوي كل 100 جرام على حوالي 585 ملليجرام، لكن هذا لا يعني أن "تناول البيض يرفع مستوى الدهون في الدم". يتم تنظيم كوليسترول مصل الدم بواسطة آليات متعددة، ولن يؤدي تناول البيض بكميات معتدلة إلى زيادة ملحوظة في مستوى الدهون في الدم لمعظم الأشخاص الأصحاء.

ومع ذلك، إذا تم تناول كميات كبيرة يوميًا، مثل أكثر من 3 بيضات، خاصة مع نظام غذائي عالي الدهون، وغياب النشاط البدني، فقد يؤدي ذلك بالفعل إلى زيادة مستوى الدهون في الدم لدى الأشخاص المعرضين للخطر، مما يزيد من العبء على القلب والأوعية الدموية.

توصي التوافقات الغذائية بأن يتناول البالغون الأصحاء 1-2 بيضة يوميًا؛ يجب على الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من ارتفاع الكوليسترول، أو الكبد الدهني، أو تصلب الشرايين اتباع نصيحة الطبيب للسيطرة على كمية الاستهلاك.

هناك حالة نموذجية تستحق الاقتداء: السيد وانغ من نانجينغ يصر على تناول ثلاث بيضات مسلوقة كل صباح، معتقدًا أن "الأطعمة الطبيعية هي الأكثر أمانًا"، لكن بعد عامين، أظهرت الفحوصات ارتفاع الكوليسترول الكلي، وتم تشخيصه بالكبد الدهني الخفيف. بعد تعديل نظامه الغذائي ليشمل 5-6 بيضات أسبوعيًا وزيادة النشاط البدني، تحسنت مؤشرات صحته بشكل ملحوظ.

تناول الكثير ليس بالضرورة أفضل، فالكميات المعتدلة هي المفتاح.

الخطأ الثاني: تناول البياض فقط وتجاهل الصفار، مما يؤدي إلى اختلال التوازن الغذائي ويضر بالصحة

"الصفار يحتوي على الكوليسترول، تناوله غير صحي" هو مفهوم خاطئ لدى الكثيرين، خاصة بين الأشخاص الذين يمارسون الرياضة أو يسعون لفقدان الوزن. ومع ذلك، فإن فصل الصفار وتناول البياض فقط قد يؤدي إلى فقدان كبير للعناصر الغذائية.

قيمة الصفار لا يمكن تعويضها:

يحتوي على أكثر من 90% من الليسيثين؛

غني بالفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون A وD وE وK؛

يعد مصدرًا مهمًا للحديد والزنك واللوتين؛

يوفر الدهون اللازمة للأطفال والشيخوخة.

بالمقارنة، على الرغم من أن البياض غني بالبروتين، إلا أن تنوع العناصر الغذائية فيه محدود، ويفتقر إلى الدعم من الدهون والعناصر الدقيقة.

أجرت جامعة شنغهاي جياوتونغ دراسة أثبتت أن الأشخاص الذين يتناولون البياض فقط لفترة طويلة يعانون عمومًا من نقص في فيتامين D وفيتامينات B، وبعضهم حتى يعاني من انخفاض المناعة وضعف الذاكرة.

لذا، ما لم تكن هناك حاجة طبية محددة لتقييد تناول الكوليسترول (مثل متلازمة الكلى، أو ارتفاع كوليسترول الدم، إلخ)، يجب على الأشخاص الأصحاء اختيار "تناول البيض الكامل" لتحقيق تأثيرات غذائية متكاملة.

الخطأ الثالث: هل تناول البيض النيء أكثر تغذية؟ الحقيقة هي العكس تمامًا

بعض الأشخاص، بدافع السعي وراء "التغذية الأصلية"، اعتادوا على خفق البيض في الحليب وتناوله نيئًا، أو حتى شرب سائل البيض النيء، معتقدين أن التسخين سيؤدي إلى تدمير مكوناته النشطة. لكن هذه الممارسة تحمل مخاطر لا يمكن تجاهلها.

تشمل المخاطر الرئيسية:

قد تحتوي البيض النيء على السالمونيلا، مما قد يؤدي إلى الإسهال، والحمى، والقيء، خاصة للأطفال، وكبار السن، والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة؛

البروتين المضاد للبيوتين (Avidin) في البياض النيء يمكن أن يتداخل مع امتصاص البيوتين (فيتامين B7)، مما قد يؤدي إلى مشاكل جلدية واضطرابات عصبية عند تناوله لفترة طويلة؛

معدل امتصاص البياض النيء حوالي 50%، بينما يمكن أن يصل بعد الطهي إلى أكثر من 90%.

من حيث طرق الطهي، يُفضل البيض المسلوق، حيث أن تسخينه لمدة 8-10 دقائق لا يقتل البكتيريا فحسب، بل يحتفظ أيضًا بأقصى قدر من النشاط الغذائي. إذا كنت تحب البيض نصف المسلوق، يُنصح باختيار البيض المعتمد للاستهلاك النيء، والتأكد من أن ظروف التخزين والنظافة تلبي المعايير.

من الأفضل تقليل "الإحساس النيء" قليلاً، بدلاً من المخاطرة بالصحة.

الخطأ الرابع: استبدال البيض بالنشويات، مما يجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة

في بعض الأنظمة الغذائية المتطرفة منخفضة الكربوهيدرات، يتم استخدام البيض كبديل كامل للنشويات أو حتى لاستبدال بعض الخضروات. على المدى القصير، قد ينخفض الوزن، لكن على المدى الطويل، يواجه الشخص مخاطر صحية متعددة.

يظهر اختلال التوازن الغذائي بشكل رئيسي في:

نقص الألياف الغذائية، مما يؤدي إلى الإمساك؛

اضطراب في تنظيم سكر الدم، مما يزيد من الرغبة في تناول الطعام؛

تناول البروتين بكميات كبيرة، مما يزيد من العبء على الكلى؛

تجاهل الفيتامينات B ومضادات الأكسدة الموجودة في النشويات.

تشدد الحميات العلمية على "التوازن الغذائي، والتحكم في السعرات الحرارية"، بدلاً من الاعتماد فقط على نوع واحد من الطعام. يمكن أن يكون البيض مصدرًا للبروتين، لكنه ليس كل الطاقة. يجب دمجه مع الأرز البني، والبطاطا الحلوة، والشوفان، جنبًا إلى جنب مع الخضروات الورقية والدهون الصحية، لتحقيق "فقدان الوزن الصحي".

فتاة من شنتشن اعتمدت على نظام غذائي "بيض + خيار" لفقدان الوزن، وبعد شهرين، عانت من اضطرابات في الدورة الشهرية، وزيادة في الانفعال، وبعد تعديل نظامها الغذائي، على الرغم من أن وزنها زاد قليلاً، إلا أن صحتها عادت إلى طبيعتها، وأصبحت مشاعرها أكثر استقرارًا.

فقدان الوزن هو رحلة للتعايش المتناغم مع الجسم، وليس معركة ضد التغذية.

أربع نصائح لتناول البيض بشكل صحي، لتنظيم التغذية "بشكل مرتب"

اختيار مصادر البيض الطازجة

البيض ذو القشرة السليمة، والسطح الخشن هو الأكثر طزاجة؛ بعد الشراء، يُفضل تخزينه في الثلاجة عند درجة حرارة أقل من 4 درجات مئوية، لمنع نمو البكتيريا.

التحكم في الكمية اليومية

يكفي للبالغين الأصحاء تناول 1-2 بيضة يوميًا؛ يجب على الفئات الخاصة (مثل مرضى السكري، وارتفاع الدهون في الدم) تقييم كمية الاستهلاك بناءً على نصيحة الطبيب.

مراعاة طريقة الطهي

البيض المسلوق، أو المطبوخ على البخار، أو المقلي بقليل من الزيت أفضل من القلي أو القلي بالطحين؛ تجنب الجمع بين الأطعمة عالية الملح والدهون (مثل البيض المملح + لحم الخنزير المجفف + الأرز الأبيض).

توافق الطعام بشكل معقول

تناول البيض مع الخضروات والحبوب الكاملة يمكن أن يحسن من معدل امتصاص الأحماض الأمينية، ويزيد من الشعور بالشبع، ويتجنب الانحياز الغذائي.

البيض ليس سمًا، ولا هو علاج سحري. المفتاح هو ما إذا كنا ندمجه بشكل علمي، وبتوازن، وعقلانية في حياتنا اليومية. بدلاً من القلق الأعمى بشأن مخاطر البيضة المسلوقة، من الأفضل أن نبدأ من هيكل النظام الغذائي العام، وإيقاع الحياة، لبناء نمط سلوكي غذائي صحي، مستقر، ودائم.

المستخدمون الذين أحبوا