لماذا يضيف الكوريون الفلفل إلى كل شيء؟ من الأطباق مثل كعكة الأرز الحارة إلى الأطباق التقليدية، يبدو أن نكهة الفلفل الحار دائمًا ما تكون حاضرة على مائدة الطعام الكورية. أتذكر قبل بضع سنوات، إذا كنت من محبي الوجبات الخفيفة، فمن المؤكد أنك سمعت عن اسم المعكرونة الحارة ذات المستويات السبعة.
هذه ليست مجرد وجبة، بل هي مسابقة غير رسمية لتحمل الألم، حيث تندمج الدموع والعرق والمخاط بسبب وعاء من المعكرونة البخارية الحارة والحمراء. المستوى السابع بالتأكيد ليس للقلوب الضعيفة. هذه هي اللحظة التي تبدو فيها وعاء المعكرونة كبحيرة حمراء تغلي، وكل خيط من المعكرونة كأنه ثعبان ناري يتلوى. حار جدًا. بعض المطاعم تطلب من الزبائن توقيع تعهد عند طلب المستوى السابع. مثل أنني أتحمل المسؤولية الكاملة إذا كان حارًا جدًا لدرجة أنني أبكي أو أصرخ أو أضطر للهرب في منتصف الطريق.
لماذا يحب الكوريون تناول الفلفل إلى هذا الحد؟
بينما الفلفل ليس نباتًا محليًا في كوريا بل جاء من نصف الكرة الأرضية الآخر. بالتحديد من منطقة أمريكا الوسطى والجنوبية. على مدى آلاف السنين، تم زراعة الفلفل واستخدامه من قبل حضارات مثل المايا والإنكا والأزتيك. كانوا يستخدمون الفلفل ليس فقط كتوابل ولكن أيضًا لمعاقبة المجرمين عن طريق تدخين الفلفل في وجوههم. ومع ذلك، لم يبدأ الفلفل رحلته عبر المحيط حتى اكتشف المستكشف كريستوفر كولومبوس الأمريكتين في عام 1492. من أمريكا، أحضره التجار الإسبان والبرتغاليون إلى أوروبا.
في ذلك الوقت، كان الفلفل الأسود، وهو التوابل الحارة الرئيسية في أوروبا، باهظ الثمن، لذا أصبح الفلفل خيارًا بديلًا رخيصًا وأكثر فعالية. بفضل طرق التجارة البحرية، انتشر الفلفل بسرعة في جميع أنحاء القارة وفي دول آسيوية مثل الهند والصين واليابان، وأخيرًا إلى كوريا. يُعتقد أن الفلفل وصل إلى كوريا، وبالتحديد إلى شبه الجزيرة الكورية، في أواخر القرن السادس عشر. من المحتمل أن يكون ذلك خلال فترة الحرب اليابانية، أي عندما غزت اليابان شبه الجزيرة الكورية. هناك فرضيات تفيد بأن الجنود اليابانيين أحضروا معهم بذور الفلفل أو الفلفل المجفف من منطقة كيوشو، حيث تم إدخال الفلفل من قبل عبر الصين.
بعد انتهاء الحرب، تبعت بذور الفلفل الجنود أو التجار المتبقين وبدأت تتجذر في أرض شبه الجزيرة الكورية. ومع ذلك، في العقود الأولى، لم يكن سكان شبه الجزيرة الكورية يعرفون كيفية استخدام الفلفل في الطهي. بدلاً من ذلك، كانوا يزرعون الفلفل للزينة أو كعلاج ويعتبرونه نباتًا غريبًا غير مهم. في كتاب الزراعة الشهير في كوريا الشمالية المسمى "نغونغ تشينغ تشوان شو"، الذي تم تأليفه في أواخر القرن السابع عشر، تم الإشارة إلى الفلفل كنوع من المحاصيل القابلة للزراعة، له طعم حار ويمكن استخدامه كدواء. وهذا يدل على أنه بحلول نهاية القرن السابع عشر، قد لا يكون سكان شبه الجزيرة الكورية قد تناولوا الفلفل كثيرًا بعد.
حتى القرن الثامن عشر، أي أكثر من 100 عام بعد دخوله، لم يتحول الفلفل حقًا ليصبح عنصرًا رئيسيًا في وجبات سكان شبه الجزيرة الكورية. الحدث الكبير الذي يمثل هذه النقلة هو أن الناس بدأوا في استخدام الفلفل لصنع الكيمتشي. وهو طبق قديم ظهر منذ فترة طويلة ولكنه كان قبل ذلك يتميز فقط بالطعم الحامض والمالح ولون باهت. عندما تم إضافة الفلفل، تحول الكيمتشي على الفور، ليس فقط إلى اللون الأحمر الجذاب، بل أيضًا إلى طعم حار لذيذ، بالإضافة إلى قدرته على الحفاظ على الطعام لفترة أطول بكثير خلال الشتاء القاسي. هذه هي اللحظة التي اكتشف فيها الناس الحب الحقيقي، ومنذ ذلك الحين أصبح الكيمتشي الأحمر رمزًا لا غنى عنه في المطبخ الكوري.
يأكل الكوريون والفلسطينيون الفلفل لأنهم يحتاجون إلى تناوله. هذه هي التفسير الأول لكون الفلفل عنصرًا لا غنى عنه. التفسير الآخر يتعلق بالجغرافيا. تشتهر شبه الجزيرة الكورية بفصول الشتاء القاسية، حيث يمكن أن تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر. تساعد نكهة الفلفل الحار في تدفئة الجسم، وتحفيز الدورة الدموية، وتوفير شعور بالانتعاش بعد الأكل. لذلك، أصبح الفلفل بسرعة جزءًا لا يتجزأ من مطبخ الكوريين.
ما مدى أهمية الفلفل في ثقافتهم الغذائية؟
الإجابة هي أنه يكاد يكون روح العديد من الأطباق. إذا كنت قد تناولت الطعام الكوري من قبل، فمن المؤكد أنك ستلاحظ أن معظم الأطباق تتميز بلون أحمر زاهي من مسحوق الفلفل أو صلصة الفلفل. دعنا نأخذ الكيمتشي كمثال. الكيمتشي ليس مجرد طبق، بل هو رمز ثقافي لكوريا يظهر في معظم الوجبات اليومية للسكان. تكمن سر صنع الكيمتشي اللذيذ في مسحوق الفلفل المصنوع من الفلفل الأحمر المجفف المطحون، مما يمنح طعمًا حارًا معتدلًا، ولونًا جذابًا، ورائحة مميزة. بدون الفلفل، سيفقد الكيمتشي روحه، ليصبح مجرد مخلل باهت.
قبل دخول الفلفل إلى كوريا، كان الكيمتشي في الواقع عبارة عن أنواع من الخضروات المخمرة بالملح مثل الفجل أو الملفوف الصيني ولم يكن له طعم حار. بعض الوثائق القديمة وصفت الكيمتشي ببساطة بأنه الفجل المخلل الذي يتم الاحتفاظ به خلال فصل الشتاء. ثم بعد ذلك، كما ذكرت، أصبح الكيمتشي الطبق كما نعرفه اليوم. مثال آخر هو نوع من صلصة الفلفل المخمرة المصنوعة من مسحوق الفلفل، وفول الصويا، والأرز اللزج، والملح. تُستخدم في أكثر من نصف الأطباق التقليدية، من الأطباق مثل كعكة الأرز إلى أنواع الحساء المختلفة. هذه الصلصة لا تضيف فقط طعمًا حارًا، بل أيضًا مزيجًا من الحلاوة والملوحة مما يجعل الأطباق غنية ولذيذة.
علاوة على ذلك، لدى الكوريين فلسفة تُعرف باسم "الخمسة ألوان" في الطهي، مما يعني أن الأطباق تحتاج إلى أن تحتوي على خمسة ألوان: الأحمر، والأخضر، والأبيض، والأسود، والأصفر لضمان توازن الين واليانغ. يلعب الفلفل الأحمر ذو اللون الزاهي دورًا مهمًا في تجميل الأطباق، مما يجعلها ليست فقط لذيذة ولكن أيضًا تأسر العين من النظرة الأولى.
لكن لماذا يحب الكوريون الفلفل إلى هذا الحد؟
جزء من السبب هو أنهم يعتقدون أن الفلفل يقدم العديد من الفوائد الصحية. لقد أثبتت العلوم أن النكهة الحارة في الفلفل تساعد على تعزيز الأيض، وتساعد في حرق السعرات الحرارية، وهو أمر جيد جدًا لمن يرغب في الحفاظ على لياقته. هذا يفسر لماذا يأكل الكوريون الأطعمة الحارة كثيرًا ومع ذلك يحافظون على قوامهم النحيف على الرغم من أن ذلك يمثل جزءًا صغيرًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه النكهة الحارة تحفز إفراز العصارة الهضمية مما يساعد على تحسين الهضم ويجعلك تشعر بالجوع. علاوة على ذلك، يحتوي الفلفل الأحمر على الكثير من فيتامين C وفيتامين A المفيدين لجهاز المناعة والبشرة. فائدة مثيرة أخرى هي أنه عند تناول الأطعمة الحارة، يفرز الجسم الإندورفين، هرمون السعادة الذي يساعد على تقليل التوتر ويمنح شعورًا بالانتعاش. الكوريون يحبون الفلفل وقد أجروا أبحاثًا حوله.
وفقًا لدراسة من جامعة سيول الوطنية، يستهلك كل كوري حوالي 2.9 كجم من الفلفل سنويًا. مما يعني أنهم تقريبًا يأكلون الفلفل يوميًا. على الرغم من أن بعض الدراسات الأخرى تعطي أرقامًا مختلفة، إلا أنه يمكننا أن نرى أن الفلفل هو حقًا جزء لا يتجزأ من النظام الغذائي للكوريين. في كوريا، يستخدم الناس الفلفل أيضًا في الطقوس الشعبية مثل تعليق الفلفل الأحمر أمام أبواب المنازل لطرد الأرواح الشريرة أو للإشارة إلى ولادة طفل ذكر لأن اللون الأحمر للفلفل يرمز إلى الشمس والقوة.
النكهة الحارة ليست مجرد طعم، بل هي أيضًا جزء من الشخصية والثقافة الكورية. غالبًا ما يقول الكوريون إن تناول الأطعمة الحارة هو وسيلة للتعبير عن القوة والعزيمة. في برامج الواقع الكورية، يمكنك أن ترى أن تحديات تناول الأطعمة الحارة دائمًا ما تجذب الانتباه، ومن يتمكن من تناول الأطعمة الحارة جدًا يُعتبر شخصًا بارعًا. الأطفال الكوريون منذ صغرهم يتعودون على النكهة الحارة من خلال الكيمتشي أو الصلصات الخفيفة، لذا فإن حاسة تذوقهم تنمو لتصبح مدمنة على النكهة الحارة.
قصة مثيرة هي أنه بعد فترة الحرب التي قسمت البلاد إلى قسمين، بدأت كوريا في تهجين أنواع من الفلفل الحار أكثر. أبرزها هو نوع الفلفل المعروف باسم "تشيانغ" الذي سمي على اسم منطقة جغرافية. هذا الفلفل صغير ولكنه حار للغاية، حيث يتمتع بمستوى حرارة أعلى بكثير من الفلفل العادي. أدت ولادة هذا النوع من الفلفل في الستينيات إلى رفع المطبخ الكوري إلى مستوى جديد من الحرارة، ومنذ ذلك الحين أصبحت الأطباق أكثر حدة.
الآن دعونا نستكشف بعض الأرقام القياسية المثيرة المتعلقة بالفلفل في كوريا لنرى مدى إدمان الكوريين على النكهة الحارة. أحد الأرقام القياسية الملحوظة هو في عام 2018 خلال مهرجان الفلفل في مدينة يونغ يانغ، مقاطعة غيونغ بوك، حيث تم إنشاء أكبر وعاء من حساء الكيمتشي في العالم بسعة تزيد عن 2500 لتر، باستخدام 300 كجم من مسحوق الفلفل، وهذا هو الرقم القياسي. تم طهي هذا الحساء لخدمة الآلاف من المشاركين في المهرجان وتم تسجيله في كتاب غينيس للأرقام القياسية.
رقم قياسي آخر يتعلق بوعاء من المعكرونة الحارة الذي أصبح مشهورًا عالميًا بفضل تحديات تناول الأطعمة الحارة على يوتيوب. معكرونة ساميانغ النسخة الحارة تجعل الجميع يخرج لسانه. لكن هناك مجموعة من الكوريين حققت رقمًا قياسيًا عندما أنهت 1000 عبوة من هذه المعكرونة الحارة في بث مباشر جذب ملايين المشاهدات. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر كوريا أيضًا بمهرجانات الفلفل، لكن مهرجان الفلفل في كيمجانغ حيث يتنافس الناس في صنع الكيمتشي بأسرع ما يمكن أو تناول الأطعمة الحارة. هذه الأرقام القياسية لا تعكس فقط حب الكوريين للفلفل، بل تظهر أيضًا أن النكهة الحارة أصبحت جزءًا من الثقافة الكورية، مما يجذب كل من السكان المحليين والسياح الدوليين.
في عصر اليوم، لم تعد نكهة الفلفل الحار محصورة في مطبخ الأسرة، بل أصبحت سفيرًا للمطبخ الكوري في جميع أنحاء العالم. تقريبًا جميع الأطباق الكورية تتميز باللون الأحمر، وهذا هو لون الفلفل. وماذا عنك، هل تحب تناول الفلفل أم لا، وهل تجرؤ على تناول الفلفل مثل الكوريين؟